بسم الله الرحمن الرحيم
زيادة الافرازات الشمعية التي يعاني منها بعض الأطفال, تؤثر على قدراتهم في النطق السليم والتعلم بصورة عامة, وهذه الحالة يفضل كثير الآباء معالجتها مبكرا. وهذه الافرازات تنتج عن التهابات الأذن الوسطى, وتعرف طبيا باصطلاح Ome, وتعتبر إحدى أهم الإصابات المنتشرة بين الأطفال, حيث تصيب حوالي 4 من بين كل 5 أطفال قبل بلوغهم سن الرابعة. ويعتبر ثلث الزيارات للأطباء من بين الأطفال الحديثي الولادة حتى سن 18 شهرا, لإصابتهم بمشكلات في الأذن.
وتزداد نسبة المواد الدهنية في الأذن بسبب تراكم سائل لزج في منطقة الأذن الوسطى في الفراغ الموجود خلف طبلة الأذن, مما يؤدي لمنع حركة الطبلة وعظام الأذن الصغرى من التحرك بسهولة, وبالتالي تقل القدرة على السمع.
ورغم أن الأطباء لم يتوصلوا بدقة إلى فهم أسباب هذه الظاهرة Ome على أنها قد تصيب الطفل بعد إصابات الأذن الحادة ونزلات البرد أو السعال أو التهابات الحلق, وجميعها شائعة بين الأطفال الصغار, خاصة في سن الالتحاق بالحضانة أو المدرسة, مما يؤدي إلى انسداد قناة "استاكيوس" التي تصل ما بين الأذن الوسطى والمنطقة الخلفية للأنف, حيث يسهل انسدادها.
ومن مهام هذه القناة تمرير الهواء إلى داخل الأذن الوسطى لمعادلة الضغط الجوي والمحافظة على سلامتها, فعند انسدادها تنشط البكتيريا داخل الأذن وتؤدي لمضاعفات العدوى.
وقد يصاب الطفل بانسداد في إحدى أذنيه أو في كلتيهما, كما قد يتأثر السمع بصورة طفيفة أو أكثر سوءا, كما تختلف الحالة أيضا من يوم لآخر. أما الأطفال الذين يعانون من حالات فقدان السمع لأسباب أخرى, فقد يضاعف تراكم السوائل الشمعية من حالتهم ويؤدي إلى شعورهم بآلام شديدة في الأذن. وعادة لا يشكو الطفل من متاعبه, وبالتالي فقد لا يعرف الوالدان أنه لايسمع جيدا, حتى تتطور الحالة للنطق البطئ, وظهور بعض المشكلات التعليمية في المدرسة وتحويله لإجراء بعض الاختبارات السمعية.
وتعتبر حالة عدم قدرة الطفل على السمع بوضوح, إحدى صعوبات تعلم اللغة, كما قد تؤثر على تقدمه التعليمي وعلاقاته الاجتماعية وسلوكه في المدرسة, وتلك أيضا من أهم الأسباب الداعية للتشخيص العاجل والعلاج بسرعة دون تأخير.
العلاج: أجريت تجربة في معهد البحوث الطبية بجامعة (نوتنجهام) البريطانية, للإجابة على أهم الأسئلة الخاصة بتراكم المادة الشمعية داخل الأذن, في مشروع عرف باسم Target, يهدف إلى تقييم الأساليب المتبعة حاليا لعلاج هذه الأنواع من إصابات الأذن, لمعرفة أفضلها لكل طفل على حدة.
الطريق المتبعة حاليا في مستشفيات التأمين الصحي البريطانية, تعتمد على سحب السائل الشمعي من الأذن الوسطى, وإدخال أنابيب صغيرة ودقيقة للمساعدة على تهوبة الأذن لمعادلة الضغط الجوي على جانبيها, وبمجرد تحسن حالة قناة " استاكيوس" وإزالة الانسداد, تتخلص الأذن من المواد الشمعية. في نفس الوقت يمكن للوالدين التعرف إلى المشكلة ومساعدة الطفل المصاب بانسداد في القناة السمعية, بملاحظة أية مشكلات لنقص السمع لديه, خاصة بعد حالات الإصابة بالتهابات في الأذن الوسطى أو نزلات البرد الشديدة. فإذا كان الطفل بحاجة إلى رفع درجة صوت التلفاز بصورة غير طبيعية, أو إذا كان يكرر الكلمات, مثل: ماذا؟ نعم؟ عند توجيه الكلام إليه, أو يتحدث بصوت عال, فهذه جميعا تدل على أعراض نقص السمع.
يصعب تشخيص حالة نقص السمع عند الأطفال الصغار أو الذين لايزالون في مرحلة تعلم النطق, فقد يكون الطفل أبطأ في الاستجابة للمؤثرات الصوتية حوله, أو أقل في استيعاب الكلمات, أو الرد بسرعة عند نداء اسمه. فإذا كنت قلقا بشأن قدرة طفلك على السمع, اذهب فورا إلى الطبيب لفحصه, حيث يمكن تحويله إلى مستشفى متخصص في إصابات الأذن أو تحويله إلى أحد الأخصائيين, وعادة ما يتوقف قرار إجراء الجراحة من عدمه على عوامل كثيرة, منها: كمية السائل الشمعي داخل الأذن, وكذلك مدى تأثير قدرته على النطق, واحتمالات تحسن حالة الطفل بذاتها بعد مدة من الوقت دون تدخل الأطباء.
كيف تساعد الطفل المصاب بانسداد الأذن؟
^ قلل الضوضاء في المنزل بخفض صوت المذياع أو التلفاز.
^ تحدث للطفل وجها لوجه وليس من مسافة بعيدة أو من خارج غرفة.
^ أبلغ مدرسيه بأنه يعاني من انسداد في الأذن, واطلب منهم أن يجلس في مكان قريب للمدرس أثناء الشرح.
^شجع طفلك على أن يرفع صوته ويطلب الإعادة من المدرس إذا شعر بأنه لم يسمع جيدا ما يقال في الفصل.
^ اجعل طفلك بعيدا عن الاماكن المليئة بالأتربة والدخان, فوجوده في أماكن المدخنين يؤدي إلى الإصابة بالسعال والبرد وانسداد الأذن.
^ استعمل مضادات الالتهابات, وتجنب مثيرات الحساسية, مثل: الحيوانات الأليفة,وبعض الأطعمة التي تسبب الحساسية لطفلك, واستعمال نقط الأنف يفيد في هذه الحالات, وأخبر الطبيب إذا كنت تعرف أن الحساسية قد تكون مصدر الإصابة.
^الرضاعة الطبيعية يمكن أن تساعد في منع تراكم الافرازات الشمعية في الأذن إذا استطعت ارضاع الطفل لأكثر من ستة شهور.